بينما تهدف الهند إلى أن تصبح دولة متقدمة بحلول عام 2047، من الضروري للبلاد أن تقيم سلسلة توريد للركائز شبه الموصلة تكفي نفسها.
أصبحت الشرائح شائعًا في الاقتصاد الحديث، حيث تعتبر العمود الفقري للتطور التكنولوجي والنمو الصناعي. بالنسبة للدول التي تسعى إلى رفع مستوى اقتصادها وتحقيق الدولة المتقدمة بحلول عام 2047، فيجب لها أن تؤسس سلسلة إمدادات مستقلة في مجال الشرائح.

لتحويل الهند إلى مركز بارز لإنتاج الشرائح بحلول نهاية هذا العقد، بدأت الحكومة في تطبيق استراتيجية شاملة، بدعم من رئيس الوزراء ناريندرا مودي الذي يتهيّأ في الدور الذي يلعبه.

تولي الهند اهتماماً بتنمية القدرات المحلية لتصنيع الشرائح لتعزيز الاقتصاد الهندي وجعل البلاد في مصاف الدول المتقدمة.

تعزيز الابتكار والاعتماد على الذات

بهدف تحقيق ذلك، أطلقت الهند مهمة الشرائح في الهند في عام 2021، والتي تلعب دورًا رئيسيًا في تنظيم المؤتمرات الدولية للشرائح التي تجذب الشركات العالمية الرائدة في الصناعة.

خلال افتتاح Semicon India لهذا العام 2024، أكد الرئيس الهندي أن قطاع الشرائح في الهند على أعتاب ثورة تحولية، مع تطورات مبتكرة كبيرة تعد لإعادة تشكيل مشهد الصناعة.
كان موضوع الفعالية لهذا العام "تشكيل مستقبل الشرائح"، والذي يبرز الرؤية الاستراتيجية للهند للظهور كقائد عالمي في تصميم وتصنيع الشرائح والتطور التكنولوجي.

تهدف هذه المبادرة ليس فقط إلى تعزيز موقف الهند في السوق العالمية للشرائح ولكن أيضًا إلى تعزيز الابتكار والاعتماد على الذات داخل البلاد.
تستخدم الشرائح في مجموعة واسعة من المنتجات، بما في ذلك الإلكترونيات والأجهزة المحمولة والتكنولوجيا السيارات وأنظمة الدفاع وتطبيقات الفضاء والمعدات النووية.

بوصفها مشاركًا هامًا في هذه الصناعات المتقدمة والحساسة، تتعرف الهند على ضرورة إنشاء سلسلة إمدادات محلية للشرائح لضمان الاستقرار الاقتصادي والنمو.

تجدر الإشارة إلى أن القوى الصناعية الرئيسية مثل الولايات المتحدة والدول الأوروبية المختلفة، التي تعتمد في الوقت الحالي على الموردين في الغالب من الصين وتايوان، تبحث بشكل متزايد في الهند كبديل جيد لاحتياجاتها من الشرائح.
يتم تحفيز هذا التحول بفهم مشترك بين هذه الدول، بما في ذلك الهند، أن اقتصاداتها معرضة للتعرض للإكراه أو الانقطاعات في الإمداد.

ونتيجة لذلك، أولت القيادة الهندية الأولوية لتطوير قدرات تصنيع وبحث الشرائح المحلية، وهو أمر ضروري للحفاظ على مكانتها كخامس أكبر اقتصاد في العالم وطموحاتها لتصبح الثالث على مستوى العالم.

إنشاء نظام بيئي مناسب

في السنوات الأخيرة، سعت الهند بنشاط لجذب الشركات الرائدة في مجال صنع الرقائق على المستوى العالمي من خلال تقديم حوافز مالية كبيرة وخلق نظام بيئي صناعي مناسب لتشغيل مرافق إنتاج الشرائح المتطورة.

كشفت الحكومة الهندية عن المقترحات الجذابة التي تستهدف جذب الشركات الدولية للشرائح، بما في ذلك خطة الدعم المالي البالغة 76,000 كرور روبية. بعد بعض التردد الأولي، الآن قد التزمت الشركات الرائدة في مجال الشرائح بإنشاء مواقع الإنتاج الثانية في الهند.

علاوة على ذلك، تعمل الحكومة على تعزيز شراكاتها الاستراتيجية مع الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وسنغافورة واليابان بهدف تعزيز مبادرات صناعة الشرائح.

وبشكلٍ مهم، أعرب الحلف QUAD، الذي يضم الهند والولايات المتحدة واليابان وأستراليا، أيضاً عن التزامه بدعم بروز الهند كلاعب مهم في سلسلة إمدادات الشرائح العالمية.

استراتيجية الاستثمار الطموحة

أبرزت SEMICON 24 التقدم الكبير الذي يزيح الهند في اتجاه مستقبل مليء بالابتكار والاعتماد على الذات.

بعد التزام الحكومة القوي بتعزيز المبادرات الجديدة في مجال الشرائح، تشير التوقعات إلى أن الهند قد تجذب استثمارات تتجاوز 30 مليار دولار في مشاريع الشرائح خلال الأعوام الثلاثة إلى الأربعة القادمة.

قد تحول تنفيذ هذه الاستراتيجية الاستثمارية الطموحة شكل قطاع التصنيع في الهند.

حتى الآن، وافقت الحكومة الهندية على ستة مقترحات استثمارية رئيسية، تبلغ ما يزيد عن 2.36 كرور روبية، والتي ستكون العامل المحفز لهذا التحول.

تضع هذه المبادرة الهند بين مجموعة مختارة من الدول في مجال الشرائح، وكذلك تقدم فرصًا كبيرة للقوى العاملة الماهرة في البلاد، والتي ستكون ضرورية لصناعة الشرائح.

حاليًا، تسهم الهند بنسبة 20 في المئة من العمالة المهرة العالمية في تصميم الشرائح، مما يشير إلى أساس قوي لتوسيع القوى العاملة الماهرة في تصنيع وتجميع الشرائح.
لمعالجة النقص المتوقع في الكفاءات، قدمت SEMI، رابطة صناعة الرقائق العالمية، برنامج تطوير القوى العاملة في الهند بهدف التخفيف من نقص المواهب العالمية في هذا القطاع. من المتوقع أن يكون أكثر من 300,000 محترف مهرة ضروريًا لتلبية متطلبات الصناعة في السنوات القادمة.

مع زيادة الطلب على مرافق تصنيع الرقائق الشائعة، خاصةً مع ظهور الذكاء الصناعي، يُقدر أن يكون هناك حاجة لنحو 150 مصنعًا جديدًا لتحقيق الهدف الصناعي الذي يزيد عن 1 تريليون دولار بحلول عام 2030. من خلال SEMICON 24، تهدف الحكومة إلى ضمان حصة كبيرة من هذا السوق المتنامي.

الخاتمة

خلال فعالية Semicon-India، كشف الرئيس الهندي أن الهند تضع حاليًا استراتيجية لتنمية قوى عاملة تضم أكثر من 85,000 فني ومهندس واختصاصي في البحث والتطوير، والذين جميعهم سيكونون ضروريين لقطاع الشرائح والقطاعات ذات الصلة.

من أجل تسهيل إنشاء رقائق متقدمة وجيل القادم، تضع الحكومة نفسها في طريق إنشاء مركز للبحث في المجال الرقمي في المعهد الهندي لعلوم الفضاء، بالشراكة مع المعهد الهندي للتكنولوجيا.

التزام الحكومة بدعم القدرات المحلية في صناعة الشرائح والصناعات ذات الصلة هو تصميم لتلبية الطلبات الوطنية والعالمية، مما يمكن أن يجعل الهند لاعبًا كبيرًا في ساحة الشرائح.

إن هذه المبادرة بالغة الأهمية، حيث أن الهند، التي فاتتها الفرص في الثورة الصناعية سابقًا، لا يمكنها تجاهل أهمية صناعة الشرائح.

***الكاتب هو صحفي مرموق ومحلل للشؤون الاستراتيجية؛ الآراء التي أعرب عنها هنا هي الخاصة به